هل المسأله مسألة خياراتٍ متاحه أم مباديء
يؤمن بها أصحابها , فلايميلون عنها قيد أنمله ؟
!
مافتِئت أعْمِل
النظر والتأمل في عقوبة الله لأبوينا آدم وحواء حينما خالفا أمره وجانبا طريق
إرشاده إلى مانهاهما عنه , منساقين في ذلك وراء كيد عدوهما الذي منّاهما بملكٍ
لايبلى وبخلودٍ لايفنى !
فكان أول
عقابهما أن بدت لهما سوءاتهما ! !
أي شيءٍ يواري سوءاتنا ؟
.
.
.
يحكى أن ....لا لا , أستغفر الله ,
ليس الأمر بحكايه ,
وإنه لمن
الصفاقةِ والوقاحةِ والتجنّي أن نلْبِسها ثوب الواقع ونسْكِنها أرض التوثيق
!
الأمر لايعدو كونه طرفه , نعم إنه
كذلك .....
هذه الطرفه ( البايخه )
حد السماجه , المتجنّيه حد البهتان مفادها أن أعظم حاكمٍ من حكّام الروم
,
ممن ملك من الأرض الأقاليم
الشاسعه وخرّت له جباه الجبابره ,
كان يسمى " بوس " ....( ورغماً عن أنفك وأنف من خلفوك
راح تبوس ) !
يقال أن هذا الــــ
بوس , أرسل في طلب عددٍ من الولاة والأمراء ممن دانوا له بالطاعةِ و الولاء
,
وساقوا له عبر السنوات , قوافل من
الثروةِ والخيرات ,
وتنازلوا له عن
الخيول والسلاح , واقتادوا له كل ذي لحيةٍ أبيٍّ شجاع ,
أقول أنه أرسل _ هذا انت يابوس _ في طلب هؤلاء الولاه ,
حتى إذا صاروا بين يديه قام فيهم صائحا :
إني خيّرتكم فاختاروا , مابين إقتصاصي لقطعةٍ من بلدانكم
أو بالرقص عرايا / شبه عرايا أمامي ! !
لكن ...............
هيهات ......هيهات ........هكذا كل واحدٍ منهم صدح وصاح
,
وعلى محيّاهم الرفض التام القاطع
لاح ,
وفي المساء ....شوهد آخرهم
يخرج من غرفة "بوس " وهو يرفع سرواله ويشد إزاره ويتمتم والإصرار عنوانه " آل ياخد
اسكندريه آآآل " ! ! !
إنها
معركة السراويل !
الأسلحة فيها
فعّاله والإغراءات سيولٌ هدّامه , والناس فيها ذوي مواقف متباينه
!
فهناك من تطارده أعين الجواسيس
وأحكام القضاة المناحيس , يترصّدونه بالقيود والمتاريس ,
لم تأخذه في الحق لومة لائم , فغدا متشبّثاً بسرواله بكل
ماأوتي من قوةٍ وجلاده ليحافظ به على ماتبقّى من إنسانيةٍ وكرامه
!
وهناك من سلّمه بكل طواعيه ,
لولاة الأمر والرعيّه , مفاخراً بأنه مازال محافظاً على ( قطعته الداخليه ) مما
يواري به سوءته ,
وهذا وللحق ذكرني
بقصة جحا حينما قيل له : ياجحا الفحش في دار جارك , أجاب : داري سالمةٌ , ثم قيل له
: فإن الفحش قد نزل بدارك , قال : ( الماي بتاع ) سالمه !
أما النوع الثالث فهو الإبن المدلل الضال , تلاحقه
الأيدي لتلبسه السروال ,
لقد خاطته
كما تريد , فقماشه ناعمٌ شفاف , لايستر عوره ولايحدِث جلبه ,
مطاطه هيّنٌ ليّن , أنّى وجهّته يتجه ولكل قذارةٍ يتسع
!
النوع الرابع أقزامٌ متفيهقون
, ينعقون بما لايعون ,
الواحد منهم
سلّم كامل ردائه وأخذ يتمشّى في الأزقةِ والميادين سعيداً بكل هذا العري
.
يغني في جذل بأنه بلغ مبتغاه من
الحرية ,
وتخلّص من كل قيد, ليحفل
بقيود الآخرين ممن هو لهم من العابدين !
رافقه في دربه شيخٌ ضليّل ,
أقر له بالفتيا أن الزهد هو التخلص من كل متع الحياة
الزائله والإنعتاق من شتى المتطلبات التافهه ,
وماهذه السراويل إلا إحدى عثرات الطريق
,
فلنتخلّص منها , ليعدو كلٌ منا
ككلب طرقاتٍ شريد !
هناك من هو
على استعداد أن يتنازل عن سرواله من أجل كرسي ,
حفنة دراهم ..... أضواء إعلام ...بل هناك من البائسين من
سيبيعه لأجل وجبة طعام ! !
طوبى
للمتسرولين .........
فعلى قدر
ماأترِعتْ به الأنفس من تقوى وصلاح وإيمانٍ وثقه ,
اشتد تمسّكها بــــ سراويلها / مبادئها
!
في محنته الشديده وبلائه
العظيم , وسط كل ذلك العذاب والألم ,,
كان أحمد ابن حنبل يدعو الله أن لايبْدِي له عوره
ولايسْقِط له سروالا !
لقد وعى ابن
حنبل قول الحق ( يابني آدم لايفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما
لباسهما ليريهما سوءاتهما ..........) , فثبت على مبدأه وصمد في وجه من خالفه
,
لأنه ماابتغى من وراء ذلك إلا وجه
الله ,
آمن حينما قرأ ( يابني آدم
قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً ولباس التقوى ذلك خير.....)
,
أن خير ساترٍ لعوراتنا هو تقوانا
وتمسكنا بمبادئنا وقضايانا وثباتنا على الصراط القويم
!
لذا
.....
الله الله بسراويلكم ياقوم
,
عضوا عليها بالنواجذ والأيادي
ومااستغلظ من مطاطٍ وحبال ,
أحكِموا
عليها الوثاق وشدّوا الرباط ,
ولايجرمنّكم شنئان قومٍ أن تبيعوها وتتبعوا سبل الهوى
فتردّوا وتهلكوا .
بقلم جدائل مصفره