"عبدالله بن جبرين ... وداعاُُ من
نور"
ترجل الفارس عن فرسه ورحل الإمام عن طلابه وجفت
أقلام ورفعت صحف إلا من علم قد تركه أو صدقه جارية قد مدت أو ولدا
صالحا أو طالب أو أرملة أو يتم أو فقير اعتناه الشيخ في يوم من الأيام
فأجمعوا جميعهم على الدعاء له والبكاء على فراقه والفرح لمنزل عالي عند
مليك مقتدر فهم لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
سطور من نور ورائحة
أحلى من البخور و حضور ابهر الحضور علم لو مزج بما البحر لمزجه وحجة لا
يضاهيها حجة وقوة الطرح لا تخاف في الحق لومة لائم ..
تواضع نبع
من علم وعلم نبع إيمان وإيمان نبع من تربية وحب وغرام لمعشوقة جميله
اسمها الدعوة وصبر على صروف الحياة وتقلبات الزمن غلف باحتساب الأجر
وتقدير لأهمية الوقت والعمر فالحياة فرصة قد تضيع بأي وقت إلا عند
عاقلا ذي لب !!
عرف عن الشيخ عبدا لله الكثير من الصبر والجلد
في العلم والتواضع في المعاملة والهمة العالية في الدعوة
حضر له
الآلاف وقدم دروسه للآحاد والأفراد والأطفال من العباد وقدم علمه
للكبار والصغار بغض النظر عن شرائحهم العمرية فهو يلبي الدعوة مهما
كانت في أي موقع كانت قرية أو هجرة , جزيرة أو مدينة لا يكترث بأي شئ
راجيا ما عند الله فهو الابقى والادوم والألذ والأجمل فيه ما لا عين
رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .
أكمل تعليمه النظامي في
سن متأخر بعد أن كانت بداية تعليمه تعليما تقليديا في المساجد والبيوت
وحصل على درجة الدكتوراه في سن الستين وهو سنه التقاعد عن البعض
والنهاية ولكنه عند بن جبرين كانت قمة التألق والحماس والحضور والبداية
.
همة كبيرة وجلد لا يكون إلا للناجحين المميزين المبدعين من
البشر , فمن سار على الدرب وصل ومن تحلى بالأمل واصل العمل
.
عكس الزمان على صوته تضاريس الحياة واخذ المرض و الإعياء
والتعب منه ما اخذ ولكنه ضل صامد صمود الأبطال في تبليغ الرسالة وتأدية
الأمانة ونصح الأمة والمشي بحوائج العامة حتى فارقت أنفاسه الطاهرة
جسده النحيل إلى ربها وباريها سبحانه .
كان يهرب من الأطباء في
بداية المرض وإقامته في المستشفى لك يلقي درس أو محاضرة ثم يعود إلى
سريره فرحا مسرورا مبتجها لأنه لم متعودا إلا على يكون يومه ملئ بالعلم
والعمل والانجاز والإعجاز ولم يتعود على الكسل والخمول وتضيع الأوقات
والأعمار فالوقت هو الاستثمار الأهم في حياته رحمه الله
لقد قدر
العلامة ابن جبرين قيمة الحياة و وحمل الرسالات والسعي قبل الممات فكان
الموعد كما قال الإمام احمد الموعد يوم الجنائز فشيعه الآلاف ونعاه
القاصي والداني وبكى عليه من لم يعرفه قبل من عرفه فتحققت مقول رسول
هذه الأمة عليه الصلاة والسلام انتم شهود الله في أرضه .
وكان
يفضل سفر البر على الطائرة لإحساسه أن أهل القرى والهجر التي على
الطريق لهم عليه حق في علمه ودعوته وجهده
ورغم سعة علمه واتساع
معرفته وعلو قدره كان لا يحب أن يقبله احد من رأسه فإن فعل قبل الفاعل
من رأسه
أقام في بيت بسيط بني بقرض من صندق التنمية العقاري ولو
أراد القصور والجاه والمال والمناصب لنالها ولكنه فضل أن يدخل في لب
الحياة ويترك قشورها وان يبني قبره قبل أن يبني بيته ووهب نفسه لدعوة
الحبيب المصطفى على الصلاة والسلام ورسالة التوحيد والعزة والإيمان
ومنهاج الصالحين وجنة الموحدين وحديقة الصادقين وسماء الطامحين وارض
المخلصين .
ضلت الأمم والشعوب المتقدمة في الماضي والحاضر تقدر
علمائها وتشرف بهم وتدون سيرهم بتوسع كبير وتدرسها لنشئ لك تكن خير
حافز لهم على العمل والإبداع والرقي والاختراع والهمة العالية والطموح
الكبير والسعي المتوقد والرغبة المشتعلة في بناء حاضرا مشرق
ومستقبل
بالإضافة إلى وضع صورهم على العملات و وتأسيس المؤسسات
الفكرية والعلمية والأوقاف باسمهم و تسمية الشوارع والميادين والمكتبات
والجامعات عليهم عرفاننا من المجتمع وقياداته بدور العلماء الايجابي
والمميز في تطور الأفراد والمجتمعات والعمل الجليل الذي قدموه لخدمة
المجتمع والأمة والبشرية جمعاء .
لن ننساك وستضل في ذاكرة
التاريخ والزمن في ذاكرة الكتاب والقلم في ذاكرة اليتم والفقير في
ذاكرة الجاهل والعالم في ذاكرة القروي والمدني في ذاكرة النبل والشهامة
والسمو
كتبت اسمك بمداد من نور على جبين تاريخ العظماء ودخلت من
بوابة الحكماء إلى بلاط العلم العامر والدعوة الشريفة وخدمة دين الحق
الذي أرسل رحمة للعالمين
ستضل في ذاكرة الظال الذي اهتدى
والمستجير الذي اجرته والسائل الذي لبيته والطالب الذي علمته والطفل
الذي قبلته وستبكيك المتون والأحرف .
وسنضل على دربك ونهجك
نتعلم منك حتى بعد وفاتك فهذا هو الإرث الحقيقي الذي خلفت علم وخلق و
عمل صالح فطوبى لك ولإخوتك العلماء ورثة الأنبياء والعقبى لأهل الإيمان
من عباده الصالحين الموحدين المبادرين
ولكل من سار على خطى
النبوة الشريفة ..
وداعا سماحة الوالد ,,,